سورة الفرقان - تفسير تفسير الواحدي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الفرقان)


        


{ويوم يعض الظالم} الكافر، يعني: عُقبة بن أبي مُعَيط كان قد آمن ثمَّ ارتدَّ لرضى أُبيّ بن خلف {على يديه} ندماً وتحسُّراً {يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلاً} طريقاً إلى الجنة بالإِسلام.
{يا ويلتا ليتني لم أتخذ فلاناً} يعني: أُبيَّاً {خليلاً}.
{لقد أضلني عن الذكر} القرآن {بعد إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولاً} عند البلاء. يعني: إنًّ قبوله قول أُبيِّ بن خلف في الكفر كان من عمل الشيطان.
{وقال الرسول} في ذلك اليوم: يا {ربِّ إنَّ قومي اتخذوا هذا القرآن مهجوراً} متروكاً أعرضوا عنه.
{وكذلك} وكما جعلنا لك أعداءً من المشركين {جعلنا لكلِّ نبيٍّ عدوَّاً من المجرمين وكفى بربك هادياً} يهديك وينصرك، فلا تُبالِ بِمَنْ يعاديك.
{وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملةً واحدة} أَيْ: لم نزل عليه متفرِّقاً؟ وهلاَّ كان دفعةً واحدةُ كالتَّوراة والإِنجيل؟ قال الله تعالى: {كذلك} فرَّقنا تنزيله {لنثبت به فؤادك} لِنُقوِّيَ به قلبك، وذلك أنَّه كلَّما نزل عليه وحيٌ جديدٌ ازداد هو قوَّة قلبٍ {ورتلناه ترتيلاً} بيَّناه تبييناً في تثبُّتٍ ومهلةٍ.


{ولا يأتونك} يعني: المشركين {بمثل} يضربونه في إبطال أمرك {إلاَّ جئناك بالحق} بما يردُّ ما جاؤوا به المثل {وأحسن تفسيراً} بياناً وتفصيلاً ممَّا ذكروا.
{الذين} أَيْ: هم الذين {يحشرون على وجوههم} يُمشيهم الله عليها، فهم يُساقون على وجوههم {إلى جهنم أولئك شرٌّ مكاناً وأضلُّ سبيلاً} من كلِّ أحدٍ.
{ولقد آتينا موسى الكتاب وجعلنا معه أخاه هارون وزيراً} أَيْ: مُعيناً وملجأ.
{فقلنا اذهبا إلى القوم الذين كذَّبوا بآياتنا} وهم القبط، فكذَّبوهما {فدمَّرناهم تدميراً} أهلكناهم إهلاكاً.
{وقوم نوحٍ لمَّا كذَّبوا الرسل} مَنْ كذَّب نبيَّاً فقد كذَّب الرُّسل كلَّهم؛ لأنَّهم لا يفرِّقون بينهم في الإيمان بهم. {أغرقناهم وجعلناهم للناس آية} عبرة {وأعتدنا للظالمين} في الآخرة {عذاباً اليماً} سوى ما ينزل بهم من عاجل العذاب. وقوله: {وأصحاب الرَّسِّ} كانوا أهل بئرٍ قعودٍ عليها، وأصحاب مواشٍ يعبدون الأصنام، فأُهلكوا بتكذيب نبيِّهم {وقروناً} وجماعاتٍ {بين ذلك} الذين ذكرناهم {كثيراً}.
{وكلاً ضربنا له الأمثال} بيَّنا لهم الأشباه في إقامة الحجَّة عليهم {وكلاًّ تبرنا تتبيراً} أهلكنا إهلاكاً.


{ولقد أتوا} يعني: مشركي مكَّة {على القرية التي أمطرت مطر السوء} يعني: الحجارة، وهي قرية قوم لوطٍ {أفلم يكونوا يرونها} إذا مرُّوا بها مسافرين فيعتبروا {بل كانوا لا يرجون نشوراً} لا يخافون بعثاً.
{وإذا رأوك إن يتخذونك إلاَّ هزواً} ما يتَّخذونك إلاَّ مهزوءاً به، ويقولون: {أهذا الذي بعث الله رسولاً} إلينا؟
{إن كاد} إنَّه كاد {ليضلنا عن آلهتنا} فيصدُّنا عن عبادتها {لولا أن صبرنا عليها} لصرفنا عنها.
{أرأيت من اتخذ إلهه هواه} وهو أنَّهم كانوا يعبدون شيئاً حجراً، أو ما كان، فإذا رأوا حجراً أحسن طرحوا الأوَّل وعبدوا الأحسن، فهم يعبدون ما تهواه أنفسهم {أفأنت تكون عليه وكيلاً} حفيظاً حتى تردَّه إلى الإِيمان، أَيْ: ليس عليك إلاَّ التبليغ. وقيل: إنَّ هذا ممَّا نسخته آية السَّيف.
{أم تحسب أنَّ أكثرهم يسمعون} سماع تفهيم {أو يعقلون} بقلوبهم ما تقول لهم: {إن هم} ما هم {إلاَّ كالأنعام} في جهل الآيات وما جعل لهم من الدَّليل {بل هم أضلُّ سبيلاً} لأنَّ النَّعم تنقاد لمن يتعهده، وهم لا يطيعون مولاهم الذي أنعم عليهم.
{ألم ترَ} ألم تعلم {إلى ربك كيف مدَّ الظلَّ} وقت الإِسفار إلى وقت طلوع الشَّمس {ولو شاء لجعله} لجعل الظلَّ {ساكناً} ثابتاً دائماً {ثمَّ جعلنا الشمس عليه دليلاً} لأنَّ بالشَّمس يُعرف الظِّلُّ.
{ثم قبضناه} قبضنا الظِّلَّ إلينا بارتفاع الشَّمس {قبضاً يسيراً} قيل: خفيَّاً. وقيل: سهلاً.
{وهو الذي جعل لكم الليل لباساً} يستركم {والنوم سباتاً} راحةً لأبدانكم {وجعل النهار نشوراً} حياة تنتشرون فيه من النَّوم. وقوله: {طهوراً} هو الطَّاهر المُطهِّر.
{لنحيي به} بالماء الذي أنزلناه من السَّماء {بلدة ميتاً} بالجدوبة {ونسقيه مما خلقنا أنعاماً وأناسيَّ كثيراً} جمع إنسيٍّ، وهم الذين سقيناهم المطر.
{ولقد صرفناه} أَيْ: المطر {بينهم} بأنواعه وابلاً، وطشَّاً، ورُهَاماً، ورذاذاً {ليذكروا} ليتذكَّروا به نعمة الله تعالى {فأبى أكثر الناس إلاَّ كفوراً} جُحوداً حين قالوا: سُقينا بِنَوء كذا.
{ولو شِئنا لبعثنا في كلِّ قرية نذيراً} لنخفِّف عليك أعباء النبوَّة، ولكن لم نفعل ذلك ليعظم أجرك.
{فلا تطع الكافرين} في هواهم ولا تداهنهم {وجاهدهم به} وجاهد بالقرآن {جهاداً كبيراً} لا يُخالطه فتورٌ.

1 | 2 | 3 | 4 | 5